اللي ماعندو كبير

من طرف كاراميلا 11/10/2008, 8:06 am

كان يا مكان يا سامعين الكلام في والي صغير السن تولى الحكم في إحدى المناطق فجمع كبار القوم وقتلهم لأنه يريد أن يكون كل مواطنيه من الشباب , لكن إحدهم قام بإخفاء أبيه المتقدم في السن في إحدى المغاور المجاورة لأرضه , وطلب من زوجته الاعتناء به والقيام على خدمته وحذرها بعدم إفشاء سره .

قام ذلك الحاكم بتسخير الشباب في أعمال سخرة وتعذيب لا أول لها ولا تال ٍ , فقد كان يجمعهم كل صباح في منطقة من الأرض مصحوبين كل منهم بمنجل ويطلب منهم أن يحصدوا ما كان في الأرض على الرغم من عدم وجود أي نوع من المزروعات , ويستمر هكذا العمل من الصباح حتى ساعة متأخرة .

وذات يوم أخبر الولد أبيه بالقصة.. فكر الشيخ في حلٍ وبعد مضي دقائق قال : اسمع يا ولدي.. في الغد أريدك أن تقوم بما سأطلبه منك : عندما تصل إلى المكان الذي يقف فيه ذلك الطاغية مثـّل وكأنّك تقطف بعض سنبلات القمح.. وافركها بكفّيك وقم بالنفخ عليها محاولا نثر القشور ....وبعدها تصنع بأكلها ..وانتظر ماذا سيكون رد فعل الطاغية , وإذا سألك ما الذي فعلته ؟ قل له إنني جائع وأحببت أن أتذوّق من هذا الجني الذي كلـّت سواعدنا في حصاده....

في اليوم التالي نفـّذ الولد ما طلبه منه والده الشيخ. تعجب الحاكم من تصرفات الشاب وطلب منه أن يتقدّم نحوه....ولما وصل سأله : ما الذي كنت تفعله ؟ شرح له الشاب كما لقـّنه أبوه .. فقال الحاكم : اسمع أيها الشاب في الغد أحضر معك ثلاثة : صديقك و كاتم سرّك و عدوّك وإني أعرف كيف سأتدبر بأمرك ..
وفي المساء أخبر الشاب أباه بطلب الحاكم فقال له : خذ معك غدا حمارك و كلبك و امرأتك. صبيحة اليوم التالي كان الحاكم في انتظاره وما أن رأى الذين أحضرهم معه حتى سأله : من هؤلاء ؟ فأشار الشاب إلى الحمار وقال : هذا كاتم سرّي , انه لا يشكو ولا يتكلم مهما لاقى من مصاعب .وبعدها أشار إلى الكلب وقال : هذا صاحبي يصحبني أينما توجهت ويزود ويدافع عن الديار .

وهنا كانت المفاجأة الصاعقة....فقد انتفضت الزوجة غاضبة وصاحت قائلة : هذا يعني أنني أنا عدوّتك يا قليل الأصل !! أليس كذلك؟ أنا التي كتمت سرّك ولم أبح لأحد بقصته وقمت بخدمته على كل هذه الفترة وسهرت عليه الليالي .

تعجب الحاكم للكلام الذي سمعه من الزوجة وسأل : أحقّا ما تقوله زوجتك يا فتى؟ أجاب : نعم يا سيدي.. فسأله : وهل والدك الشيخ هو الذي أشار عليك بالذي فعلته ؟؟ أجاب الشاب بالتأكيد وهنا مرّت لحظات صمت رهيبة عصفت بكل الحاضرين الذين توقعوا عقابا شديدا للفتى وأبيه , وجاءت اللحظة الحاسمة....حين تكلم الحاكم قائلا : أيها الشاب... عد إلى بيتك وقم على رعاية أبيك الشيخ الكبير. هذا الذي يختزن كل هذا العقل وكل هذه الحكمة التي لا تتوفر لنا نحن الشباب. وأنتم أيها الشباب عودوا إلى منازلكم فلم يعد هناك عمل سخرة بعد اليوم....
وال ما عندو كبير بيتعتـّر تعتير .

والحكاية حكيناها وبعبكم فلتناها ..

ملطوش عن الدكتور نائل سلوم

قصة من التراث