سوق التنابل «في رمضان» طبخات جاهزة لنساء مدللات

فرض الايقاع السريع للحياة عموماً، بما في ذلك ساعات العمل الطويلة، والازدحام على المواصلات، على الدمشقيين تجاوز عاداتهم اليومية.

حيث لا يجد من يعمل وقتاً طويلاً متسعاً لتحضير الطعام، خصوصاً مع تزايد عدد السيدات العاملات فكان الحل الاعتماد على الأكل الجاهز للتغلب على ضيق الوقت، أو الاعتماد على آخرين لإنجاز هذه المهمة. وهناك من لا يفضل هذا الحل أو ذاك، وهؤلاء يعتمدون على أسواق الأكل الجاهز، أو الطعام المحضر، والذي لا يحتاج إلا للطبخ، أو نصف المحضر الذي يحتاج الى إكمال التحضير والطهو في المنزل.

ويقدم مثل هذه الخدمات في دمشق سوق يعرف باسم «سوق التنابل» أو «سوق الشعلان» نسبة الى المنطقة التي يقع فيها، وهو يجاور أشهر أسواق مدينة دمشق التجارية «الصالحية» و «الحمراء». ويستنكر بعضهم تسميته بـ «سوق التنابل» ويفضلون إطلاق «سوق الأكابر» عليه، حيث يتنافس الباعة فيه على بيع الخضراوات الطازجة يومياً، والخضراوات الجاهزة للطبخ مباشرة، الطازجة والمجمدة، والمنظفة والمقطعة، مثل «البامية» و«الملوخية المقطوفة» والجزر والانكينار، أو ما يسمى بالأرضي شوكي، والثوم المقشر، والبقدونس المفروم للتبولة، ومن المواد الغذائية التي بات عرضها عادياً في هذا السوق: الخضار المقوزة والمنقورة مثل الكوسا والقرع والباذنجان الجاهز لتحضير أكلة «المحاشي» الشهيرة، كذلك من العادي ان نجد في هذا السوق كل أنواع البقوليات المقشورة والجاهزة للطبخ: مثل الفوصولياء، والبازلاء، واللوبياء والفول، فلا تضطر ربة المنزل الى تضييع وقتها بنزع قشورها، وخاصة قشور الفول الأخضر التي تصبغ أيدي السيدات باللون الأسود الذي يثير نفورهن، ولأن معظم الطبخات لا تكتمل من دون اللحومات ففي السوق أيضاً عدة محال لبيع اللحوم بكل أنواعها. ‏

وكذلك يوجد في هذا السوق محال خاصة لبيع الأكلات التقليدية والتي يحتاج تحضيرها لعدة ساعات، أو قد يصعب على بعض نساء اليوم طبخها مثل: «الكبب بأنواعها: المقلية واللبنية والسفرجلية.. الخ» وكذلك المعجنات مثل «برك السبانخ والشيش برك بأنواعها» حيث يمكن للسيدة ان تشتري هذه الأنواع لتقليها أو تشويها في المنزل حسب الرغبة. ‏

واللافت للنظر، في هذا السوق وجود مطابخ شرقية متخصصة ببيع جميع أنواع الأطعمة الجاهزة التي يشتهر بها المطبخ الشامي مثل المنسف، والمعجنات، والكبب، والمحاشي، وصرر الأوزي، والدجاج بالأرز أو الفريكة والحره بأصبعه، والسجق المحشو بالأرز واللحمة.. واليبرق.. الخ.. ‏

والخلاف بين الدمشقيين على توصيف السوق، بسوق «الأكابر» أو سوق «التنابل» نابع من الاختلاف الطبقي بين من يرتادونه من الأغنياء الذين لديهم قدرة شرائية عالية، وبين من يحتجون عليه من الفقراء الذي يرونه نموذجاً للبطر، وحب المظاهر عند الأغنياء.. ولله في خلقه شؤون. ‏


هبة الله الغلاييني - تشرين