القومية العربية ؟

القومية العربية 00
أما القومية العربية خلال هذه السنوات الأخيرة , فإنها وفقا ً لكلمة بيير روندو موزعة بين ( العروبة الوحدوية والقوميات الخاصة ) 0
إلى هذه القومية العربية تضاف ( قومية إسلامية ) هادفة إلى إقامة أما دولة إسلامية واحدة , أو دويلات قومية بسيطة يكون فيهـــا
الإسلام دين الدولة 0
وإذا كانت القومية العربية قد دللت خلال هذه السنة الأخيرة , على العديد من مظاهر قوتها المتفجرة , وإذا كان الصراع بين العـرب
واليهود يبدو من عدة نواح كصدام بين القوميات , فإن التبريرات العقائدية قليلة العدد حتى الآن , وغير جوهرية تماما ً 0
تحت عنوان طموح ( فلسفة الثورة ) يبدو مضمون كتيب ناصر رقيقا ً نوعا ً ما ففي هذا الكتيب يعرض ناصر , إن ثـــــورة
تموز 1952 لها جذور بعيدة يجب البحث عنها في تاريخ مصر والعالم العربي 0 أن السبب الأول للثورة هو ( استعباد الشعب مـن
قبل الإمبرياليين وأذنابهم الإقطاعيين والسياسيين المصريين ) هدف الثورة إذن واضح : ( تحرير العبيد أي الشعب وإحلالهم محــل
الأسياد القدامى في حكم البلد ) وهكذا تكون ثورة 23 تموز تحقيق حلم يهدهد الشعب منذ مطلع القرن الأخير ( حكم الشعب لنفســه
وسيادته على مصيره ) 0
ويستنجد ناصر بصراع الطبقات , ولكن شعار الثورة العميق ( إتحاد انضباط عمل ) إن الأيدلوجية الناصرية هي أقل غنى بالتصاريح
المعادية للرأسمالية من الأيدلوجية البيرونية 0
إن القومية هي التي تشكل ( فلسفة الثورة ) ولكن هذه القومية ليست مصرية بالذات إنها تشمل المنطقة العربية والعالم الإسلامي , ومجموع القارة الأفريقية , وهكذا يشير ناصر إلى وحدة وتفوق الجنس العربي : ( العرب أمة واحدة , نحن جزء من الوطن العـربي
الكبير الممتد من شواطىء الأطلسي إلى جبال الموصل ) 0
وفي النهاية , ليس في الأيدلوجية الثورية الناصرية أي شيء ثوري ولا أي شيء أصيل أيضا ً وهي أولى أن تكون استعارة من كـل
أنواع الأيدلوجيات القديمة والحديثة : مزيج من الفاشستية , والشيوعية , والعرقية , والكمالية , والكل معمم بالمبادىء القرآنية 0 (جان
فيغنو ) ولكن ليس من الضروري أن تكون الأيدلوجية جديدة أو ثورية حقا ً حتى تمارس سيطرة عميقة 0 إن أحداث السويس دلــت
تماما ً على قوة المشاعر القومية في الجماهير البروليتارية وفي البرجوازية المتنورة 0 وبفضلها لم يتغلب ناصر فقط على هزيمــة
جيوشه , بل أنه نجح في أن يجعل من هزيمته نصرا ً 0
من الصعب العودة بمختلف أشكال القومية التي ذكرناها إلى نموذج واحد 0 ولكن على الأقل , تبدو بعض السمات الغالبة لدى أغلبهـا
دعم الجيش , تداخل القوى الدينية والقوى السياسية , اللجوء إلى الطبقات الشعبية , , نوع من المعاداة للرأسمالية المحافظة , نوع من
الحياد بهذه السمات المختلفة , التي تستدعي التوضيح الكثير تميزت القوميات المعاصرة إلى حد ما , تميزا ً واضحا ً عن القوميــات
الغربية من القرن الماضي 0 يبقى أن يعلم ما إذا كانت هذه القوميات الجديدة سوف تولد نظما ً دكتاتورية من النمط الكلاســــيكي
العريق أو نمطا ً جديدا ً من الديمقراطية يستطيع عن طريق العدوى , أن يحيي الديمقراطيات التقليدية : تلك هي في سنة 1961 إحدى
المسائل الرئيسية , التي تطرح من يريد وضع كتاب عن تاريخ الأفكار الســياسية 0 ؟